تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَآئِنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ} (21)

المفردات :

وإن من شيء : يعني : من الأمطار .

إلا بقدر معلوم : حده ومبلغه .

التفسير :

{ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } .

وما من شيء إلا ونحن قادرون على إيجاده ، وتكوين أضعاف ما وجد منه ، شبه اقتداره على كل شيء وإيجاده ، بالخزائن المودعة فيها الأشياء ، المعدة لإخراج ما يشاء منها وما يخرجه إلا بقدر معلوم ، استعارة تمثيليةxvii فقد ضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور .

قال في ظلال القرآن :

هذه الأرزاق ككل شيء مقدرة في علم الله تابعة لأمره ومشيئته ، يصرفها حيث يشاء ، وكما يريد في الوقت الذي يريده حسب سنته التي ارتضاها وأجراها في الناس والأرزاق .

{ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } .

فما من مخلوق يقدر على شيء أو يملك شيئا ، إنما خزائن كل شيء مصادره وموارده عند الله في علاه ينزله على الخلق في عوالمهم { بقدر معلوم } . فليس من شيء ينزل جزافا ، وليس من شيء اعتباطا ، ومدلول هذا النص المحكم :

{ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } . يتجلى بوضوح أكثر كلما تقدم الإنسان في المعرفة ، وكلما اهتدى إلى أسرار تركيب هذا الكون وتكوينه ، ومداول { خزائنه } يتجلى في صورة أقرب بعدما كشف الإنسان عن طبيعة العناصر ، التي يتألف منها الكون المادي ، وطبيعة تركيبها وتحليلها إلى حد ما وعرف مثلا أن خزائن الماء الأساسية هي ذرات الأيدروجين والأكسجين وأن من خزائن الرزق المتمثل في النبات الأخضر كله ذلك الآزوت الذي في الهواء ، وذلك الكربون وذلك الأكسجين المركب في ثاني أكسيد الكربون ، وتلك الأشعة التي ترسل بها الشمس أيضا ، ومثل هذا كثير يوضع دلالة خزائن الله التي توصل الإنسان إلى معرفة شيء منها . . وهو شيء على كثرته قليل قليل . . . xviii .