ثم بين غاية قدرته ونهاية حكمته فقال : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } قال جمع من المفسرين : أراد بالشيء ههنا المطر الذي هو سبب لأرزاق بني آدم وغيرهم من الطير والوحش ، وذلك أنه لما ذكر معايشهم بين أن خزائن المطر الذي هو سبب المعايش عنده أي في أمره وحكمه وتدبيره . قوله : { وما ننزله إلا بقدر معلوم } عن ابن عباس : يريد قدر الكفاية . وقال الحكم : ما من عام بأكثر مطراً من عام آخر ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون ، وربما كان في البحر ، واعلم أن لفظ الآية لا يدل على هذين القولين فلو ساعدهما نقل صحيح أمكن أن يقبلهما العقل وإلا كان شبه تحكم والظاهر عموم الحكم ، وإن ذكر الخزائن تمثيل لاقتداره على كل مقدور . والمعنى إن جميع الممكنات مقدورة ومملوكة له يخرجها من العدم إلى الوجود كيف شاء ، وهي إن كانت غير متناهية بالقوّة لأن كلاً منها يمكن أن يقع في أوقات غير محصورة على سبيل البدل ، وكذا الكلام في الأحياز وسائر الأعراض والأوصاف . فاختصاص ذلك الخارج إلى الوجود بمقدار معين وشكل معين وحيز ووقت معين إلى غير ذلك من الصفات المعينة دون أضدادها لا بد أن يكون بتخصيص مخصص وتقدير مقدر وهو المراد من قوله : { وما ننزله إلا بقدر معلوم } وقد يتمسك بالآية بعض المعتزلة في أن المعدوم شيء . قيل : المراد أن تلك الذوات والماهيات كانت مستقرة عند الله بمعنى أنها كانت ثابتة من حيث إنها حقائق وماهيات ، ثم إنه تعالى نزل أي أخرج بعضها من العدم إلى الوجود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.