إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (202)

{ أولئك } إشارةٌ إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافِهم بما ذُكر من النعوت الجميلةِ ، وما فيه من معنى البُعد لما مر مراراً من الإشارة إلى علوِّ درجتِهم وبُعْدِ منزلتِهم في الفضل ، وقيل : إليهما معاً فالتنوينُ في قوله تعالى : { لَهُمْ نَصِيبٌ ممَّا كَسَبُواْ } على الأول للتفخيم وعلى الثاني للتنويعِ ، أي لكلِّ نوعٍ منهم نصيبٌ من جنس ما كسَبوا أو من أجله ، كقوله تعالى : { ممَّا خطيئاتهم أُغْرِقُواْ } [ نوح ، الآية 25 ] أو مما دَعَوْا به نعطيهم منه ما قدّرناه ، وتسميةُ الدعاء كسْباً لأنه من الأعمال { والله سَرِيعُ الحساب } يحاسبُ العبادَ على كثرتهم وكثرةِ أعمالهم في مقدار لمحة ، فاحذَروا من الإخلال بطاعةِ مَنْ هذا شأنُ قدرتِه أو يوشك أن يُقيمَ القيامةَ ويحاسِبَ الناسَ فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات .