نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (202)

ولما كان هؤلاء على منهاج الرسل {[8884]}لأنهم عبدوا الله أولاً كما أشار إليه السياق فانكسرت نفوسهم ثم{[8885]} ذكروه على تلك المراتب الثلاث فنارت قلوبهم{[8886]} بتجلي{[8887]} نور جلاله سبحانه وتعالى فتأهلوا بذلك للدعاء فكان دعاؤهم كاملاً ، كما فعل الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال :{ الذي خلقني فهو يهدين }[ الشعراء : 78 ] الآيات حتى{[8888]} قال{ رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين{[8889]} }[ الشعراء : 83 ] فقدم الذكر على الدعاء وكما هدى إليه آخر آل عمران في قوله :{ ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا{[8890]} }[ آل عمران : 193 ] الآيات{[8891]} ، فقدموا الطاعة عظم شأنهم بقوله على سبيل الاستئناف{[8892]} جامعاً {[8893]}على معنى{[8894]} من بشارة بكثرة الناجي في هذه الأمة{[8895]} أو يكون الجمع لعظم{[8896]} صفاتهم : { أولئك }{[8897]} أي العالو المراتب العظيمو المطالب { لهم } {[8898]}أي هذا القسم فقط لأن الأول قد{[8899]} أخبر أن الأمر عليه لا له .

ولما كان غالب أفعال العباد على غير السداد {[8900]}وأقل{[8901]} ما فيها أن تكون خالية{[8902]} عن نية حسنة قال مشيراً إلى ذلك : { نصيب } وهو اسم للحظ الذي أتت عليه القسمة بين جماعة ، كائن{[8903]} { مما } {[8904]}لو قال : طلبوا - مثلاً ، لم يعم{[8905]} جميع أفعالهم ؛ ولو قال : فعلوا ، لظُن خروج القول فعدل إلى قوله : { كسبوا } أي{[8906]} طلبوا وأصابوا وتصرفوا واجتهدوا{[8907]} فيه وجمعوا من خلاصة أعمالهم القولية والفعلية ومنها الاعتقادية وهو ما أخلصوا فيه {[8908]}فهو الذي يثابون عليه{[8909]} وهو قليل بالنسبة إلى باقي أعمالهم .

ولما كان أسرع الناس حساباً{[8910]} أعلمهم بفنونه خطأ وصواباً و{[8911]}كان التقدير : فالله عالم بخفي أعمالهم وجليها وتمييز جيدها من رديئها فهو يجازيهم على حسب ذلك عطف عليه قوله : { والله } {[8912]}أي المحيط علماً وقدرة{[8913]} { سريع الحساب * } {[8914]}وهو أحصى الأعمال وبيان ما يجب لكل منها{[8915]} الجزاء واتصاله{[8916]} إلى العامل{[8917]} لما له من سعة العلم وشمول القدرة ، قيل لبعضهم : كيف يحاسب الله الخلق في وقت واحد ؟ قال : كما يرزقهم في وقت واحد ، {[8918]}وفيه ترغيب بأنه لا ينسى عملاً ، وترهيب بأنّه لا يمشي{[8919]} عليه باطل ولا يقدر على مدافعته مطاول{[8920]} .


[8884]:العبارة من هنا إلى "فقدموا الطاعة" ليست في ظ.
[8885]:زيد من م ومد.
[8886]:زيد من م ومد.
[8887]:من م ومد، وفي الأصل: تتجلى.
[8888]:زيد من م ومد.
[8889]:سورة 26 آية 78 – 83.
[8890]:زيد في م: ذنوبنا.
[8891]:سورة 3آية 193.
[8892]:العبارة من هنا إلى "صفاتهم" ليست في ظ.
[8893]:في م: أعلى.
[8894]:في م: أعلى.
[8895]:في الأصل: الآية والتصحيح من م ومد.
[8896]:في م ومد: تعظيم.
[8897]:فالظاهر أن "أولئك" إشارة إلى الفريقين إذ المحكوم به وهو كون نصيب لهم مما كسبوا مشترك بينهما، فالمعنى أن كل فريق له نصيب مما كسب إن خيرا فخير وإن شرا فشر، ولا يكون الكسب هنا الدعاء بل هذا مجرد إخبار من الله بما يؤل إليه أمر كل واحد من الفريقين وأن أنصباءهم من الخير والشر تابعة لأنصبائهم ....وكما جاء في الصحيح: وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا ما عمل لله بها فإذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها – البحر المحيط 2 / 106.
[8898]:العبارة من هنا إلى "لأنه" ليست في ظ.
[8899]:ليس في م.
[8900]:من م ومد وظ وفي الأصل: ما قل.
[8901]:من م ومد وظ وفي الأصل: ما قل.
[8902]:في ظ: لحاله.
[8903]:ليس في ظ.
[8904]:زيد في م ومد "و" والعبارة من هنا "إلى قوله" ليست في ظ.
[8905]:في الأصل: لم يقم، والتصحيح من م ومد.
[8906]:العبارة من هنا إلى "الاعتقادية" ليست في ظ.
[8907]:في م: فاجتهدوا.
[8908]:ليست في ظ.
[8909]:ليست في ظ.
[8910]:زيد من م ومد وظ.
[8911]:زيد في مد "لما".
[8912]:ليست في ظ.
[8913]:ليست في ظ.
[8914]:العبارة من هنا إلى "إلى العامل" ليست في ظ.
[8915]:زيد من م ومد.
[8916]:في م: إيصاله.
[8917]:في الأصل: العالم، والتصحيح من م ومد.
[8918]:العبارة من هنا إلى "مطاول" ليست في ظ.
[8919]:في م: لا يمسي.
[8920]:في م: مطول.