فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (202)

وقوله : { أولئك } إشارة إلى الفريق الثاني { لَهُمْ نَصِيبٌ منَ } جنس { ما كَسَبُوا } من الأعمال أي : من ثوابها ، ومن جملة أعمالهم الدعاء ، فما أعطاهم الله بسببه من الخير ، فهو مما كسبوا ، وقيل : إن معنى قوله : { مِمَّا كَسَبُوا } التعليل ، أي : من أجل ما كسبوا ، وهو بعيد ؛ وقيل : إن قوله : { أولئك } إشارة إلى الفريقين جميعا : أي للأولين نصيب من الدنيا ، ولا نصيب لهم في الآخرة ، وللآخرين نصيب مما كسبوا في الدنيا ، وفي الآخرة . وسريع من سَرُع يَسْرُع كعظُم يعظُم سرعاً ، وسرعة ، والحساب مصدر كالمحاسبة ، وأصله العدد ، يقال : حسب يحسب حساباً ، وحسابة ، وحسباناً ، وحسباً . والمراد هنا المحسوب ، سمي حساباً تسمية للمفعول بالمصدر ، والمعنى : أن حسابه لعباده في يوم القيامة سريع مجيئه ، فبادروا ذلك بأعمال الخير ، أو أنه وصف نفسه بسرعة حساب الخلائق على كثرة عددهم ، وأنه لا يشغله شأن عن شأن ، فيحاسبهم في حالة واحدة ، كما قال تعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحدة } [ لقمان : 28 ] .

/خ203