فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (202)

{ أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ، واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } .

{ أولئك } إشارة إلى الفريق الثاني فقط { لهم نصيب مما } أي من جنس ما { كسبوا } من الأعمال أي من ثوابها ومن جملة أعمالهم في إعطاهم بسببه من الخير فهو مما كسبوا ، وقيل معناه من أجل ما كسبوا وهو بعيد ، وقيل قولك أولئك إشارة إلى الفريقين جميعا أي للأولين نصيب من الدنيا ولا نصيب لهم في الآخرة وللآخرين نصيب مما كسبوا في الدنيا والآخرة { والله سريع الحساب } الحساب مصدر كالمحاسبة وأصله العدد والمراد هنا المحسوب سمي حسابا تسمية للمفعول بالمصدر .

والمعنى أن حسابه لعباده في يوم القيامة سريع مجيئه فبادروا ذلك بأعمال الخير أو أنه وصف نفسه بسرعة حساب الخلائق على كثرة عددهم وأعمالهم ليدل ذلك على كمال قدرته ، لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ولا يحتاج إلى آلة ولا إمارة ولا مساعدة فيحاسبهم في حالة واحدة كما قال تعالى { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } .

وقال السيوطي : يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف من نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك انتهى .

وهذا تمثيل للسرعة لا تعيين لمقدار زمن الحساب ، وقيل معناه أن الله يعلم العباد ما لهم وما عليهم ، وهذا أبعد وقيل المحاسبة المجازاة ويدل عليه قوله { فحاسبناهما حسابا شديدا } وقيل معناه أنه سريع القبول لدعاء عباده والإجابة لهم وقيل معنى الآية أن إتيان القيامة قريب لا محالة . وفيه إشارة المبادرة بالتوبة والذكر وسائر الطاعات وطلب الآخرة .