تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ} (69)

66

69 - قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ .

أي : إن الكافرين أضرموا النار ، واستخدموا المنجنيق ، ليوضع إبراهيم في وسط النار ؛ حتى تحرقه إحراقا شديدا ؛ فأمر الله سبحانه وتعالى النار ؛ أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم .

إن القدرة بيد الله والأمر بيده ، وهو سبحانه على كل شيء قدير قال تعالى : بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون . البقرة : 117 ) .

إن يد القدرة الإلهية إذا أرادت أمرا كان ، فهو سبحانه خالق النار ، والنار تحرق الأجساد ، لكن الله سبحانه أراد أن يحفظ خليله ، الذي حطم الأصنام ، متجردا لله . روى : أن إبراهيم عندما أخذ وأوثق بالحبال ؛ قال : حسبي الله ونعم الوكيل .

كما رواه البخاري ، عن ابن عباس أنه قال : حسبي الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد عليه السلام حين قالوا : إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . 21 ( آل عمران : 173 ) .

إن فضل الله يظهر في كثير من حياة الأفراد ، والأمم والجماعات ؛ فكم من كربة فرجها ، وكم من شدة صرفها ، وكم من محنة تحولت إلى منحة ؛ لأن الله العلي القدير هو المحيط بكل شيء ؛ لا راد لقضائه ، ولا معقب لأمره .

وفي كتب التفسير : أن جبريل تعرض للخليل إبراهيم ؛ فقال : يا إبراهيم ، ألك حاجة ؟ قال إبراهيم : أما إليك فلا ، قال جبريل : ألك حاجة إلى الله ؟ فقال إبراهيم : ( علمه بحالي يغنيني عن سؤالي ) فقال الله تعالى : يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ .

فأحرقت النار الحبال التي أوثقوه بها ، وكان إبراهيم في أسعد حال ، وأهنأ بال ، حيث نجاه الله من كيد الظالمين ، ولو كانت النار بردا فقط ؛ لمات من البرد ، لكنها كانت بردا وسلاما22 .

وفي الصباح تقدم النمروذ ؛ ليشاهد آثار النار من الحريق والهلاك ، فوجد العناية والحفظ والسلامة على إبراهيم .