إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُۥۚ وَيَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (186)

وقوله تعالى : { مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ } استئنافٌ مقررٌ لما قبله منبىءٌ عن الطبع على قلوبهم وقوله تعالى : { وَيَذَرُهُمْ في طغيانهم } بالياء والرفع على الاستئناف أي وهو يذرُهم ، وقرئ بنون العظمةِ على طريقة الالتفات ، أي ونحن نذرهم ، وقرئ بالياء والجزمِ عطفاً على محل فلا هاديَ له كأنه قيل : من يُضللِ الله لا يهدِهِ أحدٌ ويذرْهم ، وقد روي الجزمُ بالنون عن نافع وأبي عمرو في الشواذ وقوله تعالى : { يَعْمَهُونَ } أي يتردّدون ويتحيرون ، حالٌ من مفعول يذرُهم ، وتوحيدُ الضمير في حيز النفي نظراً إلى لفظ مَنْ وجمعُه في حيز الإثبات نظراً إلى معناها للتنصيص على شمول النفي والإثباتِ للكل .