الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُۥۚ وَيَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (186)

ثم قال تعالى : { من يضلل الله فلا هادي له }[ 186 ] .

أي : هؤلاء الذين كفروا ولم يتعظوا ، إنما كان لإضلال الله ، ( عز وجل ){[26287]} ، إياهم ، ولو هداهم لاعتبروا وأبصروا{[26288]} رشدهم ، فلا هادي لهم إذ{[26289]} أضلهم الله{[26290]} .

وقوله : { ونذرهم }[ 186 ] .

من قرأ ب : " الياء " {[26291]} ، رده على اسم الله ( سبحانه ){[26292]} .

ومن قرأ ب : " النون " {[26293]} ، جعله على الإخبار من الله ، ( سبحانه ){[26294]} ، عن نفسه{[26295]} .

ومن قرأ ب : " الرفع{[26296]} " قطعه{[26297]} مما قبله ، أو عطفه على موضع ما بعد " الفاء " وهو الرفع ؛ لأن الفاء ترفع ما بعدها من الأفعال{[26298]} .

ومن جزم{[26299]} ، عطف على موضع " الفاء " {[26300]} ، لأنه لو وقع موضع " الفاء " فعل جُزِم على الجزاء ، فالعطف على موضع " الفاء " يوجب الجزم{[26301]} .

ومعنى { ونذرهم }[ 186 ]أي : ندعهم ، { في طغيانهم } أي : في تماديهم على الكفر ، { يعمهون }[ 186 ] يترددون ويتحيرون{[26302]} .


[26287]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26288]:في الأصل: بصروا.
[26289]:في الأصل، و"ر": إذا.
[26290]:انظر: جامع البيان 13/291، فالفقرة مستخلصة منه.
[26291]:وهي قراءة أبي عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، كما في الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/485، وكتاب السبعة في القراءات 298، وإعراب القراءات السبع وعللها 1/216، وحجة القراءات لأبي زرعة 303، والتيسير 94، وزاد المسير 3/296.
[26292]:ما بين الهلالين ساقط من "ج" وفي "ر" عز وجل. قال في الكشف: 1/485: "وقرأ الباقون بـ"الياء"، حملوه على لفظ الغيبة قبله، في قوله: {من يضلل} فذلك حسن للمشاكلة، واتصال بعض الكلام ببعض".
[26293]:في الأصل: بالنان، وهو تحريف سيء. وهي قراءة ابن كثير، ونافع، وابن عامر. المصادر السابقة، ص:418، هامش 8. وهي القراءة التي وقع عليها اختيار مكي في الكشف 1/485.
[26294]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26295]:انظر: الكشف 1/485.
[26296]:وهي قراءة أبي عمرو، وعاصم، وابن كثير، ونافع، وابن عامر. المصادر السابقة ص:418، هامش 8.
[26297]:قطعه: تصحف في "ر" إلى: قطعة. وبشأن القطع، انظر: القطع والإئتناف 345، ومنار الهدى 154.
[26298]:انظر: الكشف 1/485، والبحر المحيط 4/431، والدر المصون 3/378.
[26299]:وهي قراءة حمزة، والكسائي. المصادر السابقة في تخريج قراءة "الياء"، و"النون" ص:418، هامش 8.
[26300]:في الكشف 1/485: "التي هي جواب الشرط في قوله: {من يضلل الله فلا هادي له}؛ لأن موضعها وما بعدها جزم، إذ هي جواب الشرط. فجعلاه كلاما متصلا بعضه ببعض، غير منقطع مما قبله". انظر: مشكل إعراب القرآن 1/306.
[26301]:انظر: معاني القرآن للزجاج 2/393، والبيان في غريب إعراب القرآن 1/380، والتبيان في إعراب القرآن 1/605، وحاشية الجمل على الجلالين 3/150.
[26302]:انظر: جامع البيان 13/291، فالمعاني التي أوردها مكي هاهنا مستخلصة منه، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1625.