السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي مائة وثمان أو تسع عشرة آية ، وألف وثمانمائة وأربعون كلمة ، وأربعة آلاف وثمانمائة حرف .

{ بسم الله } الذي له الأمر كله { الرحمن } الذي عم إنعامه { الرحيم } الذي خص من أراد بالإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل ، فأنزل عليه يوماً فمكث ساعة حتى سرّي عنه ، فاسقبل القبلة ورفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، اللهم أرضنا وارض عنا ، ثم قال : لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة » ، ثم قرأ : { قد أفلح المؤمنون } .

حتى ختم العشرة آيات ، قال ابن عباس : قد سعد المصدّقون بالتوحيد وبقوا في الجنة ، وقيل : الفلاح البقاء والنجاة ، روى هذا الحديث الترمذي وغيره وأنكره النسائي وغيره .

تنبيه : قال الزمخشري قد نقيضة لما هي تثبت المتوقع ولما تنفيه ، ولا شك أنّ المؤمنين كانوا متوقعين لمثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم ، فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه . فإن قيل : ما المؤمن ؟ أجيب : بأنه في اللغة هو المصدق وأما في الشريعة فقد اختلف فيه على قولين : أحدهما : أنّ كل من نطق بالشهادتين مواطئاً قلبه لسانه ، فهو مؤمن والآخر أنه صفة مدح لا يستحقها إلا البر التقي دون الفاسق ، ثم إنه تعالى حكم بحصول الفلاح لمن كان مستجمعاً لصفات سبعة :

الصفة الأولى : كونهم مؤمنين .