السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (50)

{ فإن لم يستجيبوا لك } أي : دعاءك إلى الكتاب الأهدى فحذف المفعول للعلم به ولأن فعل الاستجابة يتعدّى بنفسه إلى الدعاء وباللام إلى الداعي فإذا عدي إليه حذف الدعاء غالباً كقول القائل :

وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الندا *** فلم يستجبه عند ذاك مجيب

وداعٍ ( أي : ورب داع ) .

الشاهد في يستجبه حيث عدّاه إلى الداعي وحذف الدعاء والتقدير فلم يستجب دعاءه { فاعلم } أنت { أنما يتبعون } أي : بغاية جهدهم فيما هم عليه من الكفر والتكذيب { أهواءَهم } أي : دائماً وأكثر الهوى مخالف للهدى فهم ضالون غير مهتدين بل هم أضلّ الناس وذلك معنى قوله تعالى : { ومن أضلّ ممن اتبع } أي : بغاية جهده { هواه } أي : لا أحد أضل منه فهو استفهام بمعنى النفي وقوله تعالى : { بغير هدى من الله } في موضع الحال للتوكيد والتقييد فإن هوى النفس قد يوافق الهدى { إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين } أي : وإن كانوا أقوى الناس لاتباعهم أهواءهم .