السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

{ قل } يا محمد لقومك { أؤنبئكم } أأخبركم { بخير من ذلكم } أي : المذكور من الشهوات وهذا استفهام تقريري .

تنبيه : هنا همزتان مختلفتان من كلمة : الأولى مفتوحة والثانية مضمومة ، قرأ قالون بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية وأدخل بينهما ألفاً وورش يسهل الثانية من غير إدخال ألف وينقل حركة الهمزة الأولى إلى اللام من قل فتصير اللام مفتوحة والثانية مضمومة ، وابن كثير كورش إلا أنه لا ينقل الحركة إلا في لفظ القرآن وقرآن ، وأبو عمرو يسهل الثانية ويدخل بينهما ألفاً كقالون وله وجه آخر وهو عدم إدخال ألف بينهما ، والباقون بتحقيقهما وقوله تعالى : { للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } أي : مقدّرين الخلود فيها إذا دخلوها كلام مستأنف فيه دلالة على بيان ما هو خير من ذلكم كما تقول : هل أدلك على رجل عالم عندي رجل عالم من صفته كيت وكيت ويجوز أن تتعلق اللام بخير وترتفع جنات على هو جنات { وأزواج مطهرة } من الحيض وغيره مما يستقذر من النساء وقوله تعالى : { ورضوان من الله } قرأه شعبة بضم الراء ، والباقون بكسرها وهما لغتان : الكسر لغة الحجاز والضم لغة تميم . وقيل : بالكسر اسم وبالضم مصدر وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا ربنا وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) .

تنبيه : قد نبه سبحانه وتعالى في هذه الآية على نعمه فأدناها متاع الحياة الدنيا وأعلاها رضوان الله لقوله تعالى : { ورضوان من الله أكبر } ( التوبة ، 72 ) وأوسطها الجنة ونعيمها { والله بصير } أي : عالم { بالعباد } أي : بأعمالهم فيجازي كلاً منهم بعمله أو بأحوال الذين اتقوا فلذلك أعدّ لهم جنات .