{ قد كان لكم آية } أي : عبرة ودلالة على صدق ما أقول لكم إنكم ستغلبون .
فإن قيل : لِمَ لَمْ يقل قد كانت ؛ لأنّ الآية مؤنثة ؟ أجيب : بأنه إنما ذكر الفعل للفصل بينه وبين الاسم المؤنث بلكم فإن الفصل مسوغ لذلك مع المؤنث الحقيقي كقوله :
إنّ امرأ غره منكنّ واحدة *** بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
قال الفرّاء : وكل ما جاء من هذا النحو فهذا وجهه والخطاب لمشركي قريش وقيل : لليهود وقيل : للمؤمنين { في فئتين } أي : فرقتين { التقتا } يوم بدر { فئة } مؤمنة { تقاتل في سبيل الله } أي : طاعته وهم النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، سبعة وسبعون رجلاً من المهاجرين ، ومائتان وستة وثلاثون رجلاً من الأنصار ، وصاحب راية المهاجرين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة ، وكان فيهم سبعون بعيراً وفرسان فرس للمقداد بن عمرو وفرس لمرثد بن أبي مرثد وأكثرهم رجالة وكان معهم من السلاح ستة أدرع وثمانية سيوف { و } فئة { أخرى كافرة } تقاتل في سبيل الشيطان وهم مشركو مكة وقوله تعالى : { يرونهم مثليهم } قرأ نافع بالتاء على الخطاب أي : ترى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين وكانوا ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم ويوقنوا بالنصر الذي وعدهم به في قوله : { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } ( الأنفال ، 66 ) بعدما كلفوا أن يقاوم الواحد العشرة في قوله تعالى : { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } ( الأنفال ، 65 ) والباقون بالياء على الغيبة أي : يرى المشركون المؤمنين مثلي عدد المشركين وكانوا تسعمائة وخمسين أو مثلي عدد المسلمين وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر .
فإن قيل : هذا مناقض لقوله تعالى في سورة الأنفال { ويقللكم في أعينهم } ( الأنفال ، 44 ) أجيب : بأنه قللهم أوّلاً حتى اجترؤوا عليهم ، فلما لاقوهم كثروا إمداداً من الله تعالى للمؤمنين في أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير في حالين مختلفين { رأي } أي : في رأي { العين } أي : رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها معاينة كسائر المعاينات وقد نصرهم الله تعالى مع قلتهم { والله يؤيد } أي : يقوي { بنصره من يشاء } نصره كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدوّ { إنّ في ذلك } المذكور { لعبرة } أي : عظة { لأولي الأبصار } أي : لذوي البصائر أفلا تعتبرون بذلك فتؤمنون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.