السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (38)

ولما رأى زكريا كرامة مريم ومنزلتها عند الله قال : إنّ الذي قدر على أن يأتي مريم بالفاكهة في غير حينها من غير سبب قادر على أن يصلح زوجتي ويهب لي ولداً في غير حينه على الكبر فطمع في الولد وذلك أنّ أهل بيته كانوا قد انقرضوا وكان زكريا قد شاخ وأيس من الولد قال الله عز وجل :

{ هنالك دعا زكريا ربه } أي : في ذلك المكان أو الوقت ، قال الزمخشريّ : قد تستعار هنا ، وثم وحيث للزمان أي : لمشابهة الزمان للمكان في الظرفية فاستعير له فدخل زكريا المحراب وناجى ربه في جوف الليل { قال } يا { ربّ هب لي } أي : أعطني { من لدنك } أي : من عندك { ذرية طيبة } كما وهبتها لحنة العجوز العاقر أي : ولداً مباركاً تقياً صالحاً رضياً ، والذرّية يكون واحداً وجمعاً ذكراً وأنثى وهو هنا واحد بدليل قوله : { فهب لي من لدنك ولياً5 يرثني } ( مريم ، 6 ) وإنما قال طيبة لتأنيث لفظ الذرّية { إنك سميع } أي : مجيب { الدعاء } لمن دعاك فلا تردّني خائباً .