السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (115)

{ ومن يشاقق الرسول } أي : يخالفه فيما جاء به مأخوذ من الشق ، فإنّ كلاً من المتخالفين في شق غير شق الآخر { من بعدما تبين } أي : ظهر { له الهدى } أي : الدليل الذي هو سببه { ويتبع } طريقاً { غير سبيل المؤمنين } أي : طريقهم الذي هم عليه من الدين بأن يتبع غير دين الإسلام { نوله ما تولى } أي : نجعله والياً لما تولاه بأن نخلي بينه وبينه في الدنيا { ونصله } أي : ندخله في الآخرة { جهنم } يحترق فيها { وساءت مصيراً } أي : مرجعاً هي ، وقرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة ( نوله ) و( نصله ) بسكون الهاء ، واختلس كسرة الهاء قالون ولهشام وجهان : الإختلاس كقالون ، وإشباع الحركة كباقي القرّاء .

فإن قيل : ما الحكمة في فك الإدغام في قوله تعالى : { ومن يشاقق الرسول } والإدغام في سورة الحشر في قوله : { ومن يشاق الله } ( الحشر ، 4 ) ؟ أجيب : بأن أل في لفظ الجلالة لازم بخلافه في الرسول واللزوم يقتضي الثقل ، فخفف بالإدغام فيما صحبته الجلالة بخلاف ما صحبه لفظ الرسول .

فإن قيل : يرد هذا قوله تعالى في سورة الأنفال : { ومن يشاقق الله ورسوله } ( الأنفال ، 13 ) أجيب : أنه لما انضم الرسول إلى الله صار المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد .