السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (114)

{ لا خير في كثير من نجواهم } أي : الناس قوم طعمة فإنهم ناجوا النبيّ صلى الله عليه وسلم في الدفع عنه وكذا غيرهم { إلا } نجوى { من أمر بصدقة } واجبة أو مندوبة { أو معروف } أي : عمل بر ، وقيل : المراد بالصدقة الواجبة ، وبالمعروف صدقة التطوّع { أو إصلاح بين الناس } وسواء إصلاح ذات البين وغيرهم قال صلى الله عليه وسلم ( كلام ابن آدم كله عليه لا لهُ إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله ) ، وسمع سفيان رجلاً يقول : ما أشدّ هذا الحديث فقال : ألم تسمع الله يقول : { لا خير في كثير من نجواهم } فهو هذا بعينه أو ما سمعته يقول : { والعصر 1 إن الإنسان لفي خسر } ( العصر ، 1- 2 ) فهو هذا بعينه .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة ؟ ) قلنا : بلى يا رسول الله قال : ( إصلاح ذات البين ، وإفساد ذات البين هي الحالقة ) .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال ( ليس بالكذاب من أصلح بين الناس فقال : خيراً أو أثنى خيراً ) { ومن يفعل ذلك } أي : هذا المذكور { ابتغاء } أي : طلب { مرضاة الله } أي : لا غيره من أمور الدنيا ؛ لأنّ الأعمال بالنيات { فسوف يؤتيه } أي : الله في الآخرة بوعد لا خلف فيه { أجراً عظيماً } هو الجنة والنظر إلى وجهه الكريم ، وفي هذه الآية دلالة على أنّ المطلوب من أعمال الظاهر رعاية أحوال الباطن في إخلاص النية وتصفية القلب من الالتفات إلى غرض دنيوي ، وقرأ أبو عمرو وحمزة ( يؤتيه ) بالياء ، والباقون بالنون .