السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (123)

{ ليس } أي : الأمر منوطاً { بأمانيكم } أيها المسلمون { ولا أمانيّ أهل الكتاب } بل بالإيمان والعمل الصالح { من يعمل سوأً يجز به } قال ابن عباس لما نزلت هذه شقت على المسلمين وقالوا : يا رسول الله أينا لم يعمل سوأً غيرك فكيف الجزاء ؟ قال : منه ما يكون في الدنيا أي : بالبلاء والمحن كما ورد في الحديث : ( فمن يعمل حسنة فله عشر أمثالها ومن جوزي بالسيئة نقصت واحدة من عشرة وبقي له تسع حسنات ، فويل لمن غلبت آحاده أعشاره ) وأمّا ما كان جزاء في الآخرة فيقابل بين حسناته وسيئاته فيلقى مكان كل سيئة حسنة وينظر في الفضل فيعطي الجزاء في الجنة فيؤتي كل ذي فضل فضله ، وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه { من يعمل سوأً يجز به } { ولا يجد له من دون الله } أي : غيره { ولياً } أي : يحفظه { ولا نصيراً } أي : يمنعه منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت عليّ ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله قال : فأقرأنيها قال : ولا أعلم أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك يا أبا بكر فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأينا لم يعمل سوءاً وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمّا أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا ) أي : بالبلاء والمحن كما مرّ حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب ، ( وأمّا الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا يوم القيامة ) .