السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } أي : الصبر والغضب والحلم والجهل والعفو والإساءة في الجزاء وحسن العاقبة .

تنبيه : في لا الثانية وجهان : أحدهما : أنها زائدة للتأكيد كقوله تعالى : { ولا الظل ولا الحرور } ( فاطر : 21 ) لأن الاستواء لا يكتفي بواحد ، الثاني : أنها مؤسسة غير مؤكدة ، إذ المراد بالحسنة والسيئة الجنس ، إذ لا تستوي الحسنات في أنفسها فإنها متفاوتة ولا تستوي السيئات أيضاً فرب واحدة أعظم من أخرى وهو مأخوذ من كلام الزمخشري { ادفع } كل ما يمكن أن يضرك من نفسك ومن الناس { بالتي } أي : بالخصال والأحوال التي { هي أحسن } على قدر الإمكان من الأعمال الصالحات والعفو عن المسيء حسن والإحسان إليه أحسن منه .

{ فإذا الذي بينك وبينه عداوة } عظيمة فاجأته حال كونه { كأنه ولي } أي : قريب فاعل ما يفعله القريب { حميم } أي : في غاية القرب لا يدع مهماً إلا قضاه وسهله ويسره وشفى علله وقرب بعيده وأزال درنه كما يزيل الماء الحار الوسخ ، وقيل : نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدواً مؤذياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وصار ولياً مصافياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم .