ثم خوفهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية فقال تعالى : { أهم خير } أي : في الدين والدنيا { أم قوم تُبّع } أي : ليسوا خيراً منهم فهو استفهام على سبيل الإنكار ، قال أبو عبيدة : ملوك اليمن كل واحد منهم يسمى تبعاً لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه ، وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم في ملوك الحرب ، وقال قتادة : هو تبع الحميري وكان من ملوك اليمن سمي بذلك : لكثرة أتباعه وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم حمير إلى الإسلام فكذبوه ، ولذلك ذم الله تعالى قومه ولم يذمه ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا تبعاً فإنه قد أسلم » . وعنه صلى الله عليه وسلم : «ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي » . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : «لا تسبوا تبعاً فإنه كان رجلاً صالحاً » . وذكر عكرمة عن ابن عباس : أنه كان تبع الآخر وهو أبو كرب أسعد بن مليك وكان سار بالجيوش نحو المشرق وحبر الحبر وبنى قصر سمرقند ، وملك بقومه الأرض طولها والعرض وكان أقرب المملكين إلى قريش زماناً ومكاناً ، وكان له بمكة المشرفة ما ليس لغيره من الآثار ، قال الرازي في اللوامع : هو أول من كسا البيت ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق .
قال البغوي بعد أن ذكر قصته مع الأنصار : لما قتل ابنه غيلة في المدينة الشريفة وما وعظ به اليهود في الكف عن خراب المدينة لأنها مهاجر نبي من قريش إنه صدقهم واتبع دينهم وذلك قبل نسخه . وعن الرياشي آمن تبع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة عام ، فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : { أهم خير أم قوم تبّع } مع أنه لا خير في الفريقين ؟ أجيب : بأن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى : { أكفّاركم خير من أولئكم } ( القمر : 43 ) بعد ذكر آل فرعون ويجوز في قوله تعالى : { والذين من قبلهم } أي : مشاهير الأمم كمدين وأصحاب الأيكة والرس وثمود وعاد ، ثلاثةُ أوجه ؛ أحدها : أن يكون معطوفاً على قوم تبع ، ثانيها : أن يكون مبتدأ وخبره { أهلكناهم } أي : بعظمتنا وإن كانوا أصحاب مكنة وقوة ، وأما على الأول { فأهلكناهم } إما مستأنف ، وإما حال من الضمير المستكن في الصلة ، ثالثها : أن يكون منصوباً بفعل مقدر يفسره أهلكناهم ولا محل لأهلكناهم حينئذ { إنهم كانوا } أي : جبلة وطبعاً { مجرمين } أي : عريقين في الإجرام فليحذر هؤلاء إن ارتكبوا مثل أفعالهم من مثل حالهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.