ولما سكن القوم الآخرون بمصر ورثوا كنوزها وأموالها ونعمها ومقامها الكريم وقوله تعالى : { فما بكت عليهم السماء والأرض } مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم لهوانهم ، وإذا لم تبك المساكن فما ظنك بالساكن الذي هو فيها تقول العرب : إذا مات رجل خطير في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح وأظلمت له الشمس قال الفرزدق :
فالشمس طالعة ليست بكاسفة *** تبكي عليك نجوم الليل والقمر
أيا شجر الخابور مالك مورقاً *** كأنك لم تجزع على ابن طريف
لما أتى خبر الزبير تواضعت *** سور المدينة والجبال الخشع
وذلك على سبيل التخييل والتمثيل مبالغة في وجوب الجزع والبكاء ، عليه قال الزمخشري : وكذلك ما يروى عن ابن عباس من بكاء مصلى المؤمن وآثاره في الأرض ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء تمثيل ، ونفى ذلك عنهم في قوله تعالى : { فما بكت عليهم السماء والأرض } تهكماً بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال فيه : بكت عليه السماء والأرض .
وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما من مسلم إلا وله في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله فإذا مات وفقداه بكيا عليه وتلا هذه الآية » . وقال علي رضي الله عنه : إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء . وعن الحسن : فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون بل كانوا بهلاكهم مسرورين يعني فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض . وقال عطاء : بكاء السماء حمرة أطرافها ، وقال السدي : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما : بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها ، وقرأ أبو عمرو عليهم في الوصل بكسر الهاء والميم ، وحمزة والكسائي بضمهما ، والباقون : بكسر الهاء وضم الميم وأما الوقف فحمزة بضم الهاء والباقون بالكسر { وما كانوا منظرين } أي : لما جاء وقت هلاكهم لم يمهلوا إلى وقت آخر لتوبة وتدارك تقصير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.