السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (48)

{ واصبر } أي : أوجد هذه الحقيقة لتصبر على ما أنت عليه من أداء الرسالة { لحكم ربك } أي : المحسن إليك فإنه هو المريد لذلك ولو لم يرده لم يكن شيء منه فهو إحسان منه إليك وتدريب لك وترقية في معارج الحكم ، وسبب عن ذلك قوله تعالى مؤكداً لما يغلب على الطبع البشري في بعض أوقات الامتحان من نوع نسيان { فإنك بأعيننا } أي : بمرأى منا نراك ونحفظك ، وجمع لما اقتضته نون العظمة التي هذا سياقها وهي ظاهرة في الجمع ، وإشارة إلى أنه محفوظ بالجنود الذين رؤيتهم من رؤيته سبحانه وتعالى { وسبح } ملتبساً { بحمد ربك } أي : المحسن إليك فأثبت له كل كمال من تنزيهك له عن كل نقص فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يريد إلا ما هو حكمة بالغة { حين تقوم } قال سعيد بن جبير وعطاء : أي قل حين تقوم من مجلسك : سبحانك اللهم وبحمدك فإن كان المجلس خيراً ازددت إحساناً وإن كان غير ذلك كان كفارة له .

وروى أبو هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من جلس مجلساً وكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا كان كفارة لما بينهما » أي من الذنوب الصغائر . وقال ابن عباس : معناه صل لله حين تقوم من مقامك وقال الضحاك والربيع : إذا قمت إلى الصلاة فقل سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ، وقال الكلبي : هو ذكر الله تعالى باللسان حتى تقوم من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة لما روى عاصم بن حميد قال : سألت عائشة بأيّ شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل فقالت «كان إذا قام كبر عشراً وحمد الله تعالى عشراً وهلل عشراً واستغفر عشراً ، وقال : اللهمّ اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة » وقيل حين تقوم لأمر ما .