السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ} (2)

وقوله تعالى : { ما ضل } أي : عن طريق الهداية { صاحبكم } محمد صلى الله عليه وسلم وقتاً من الأوقات ، جواب القسم وعبر بالصحبة لأنها مع كونها أدلّ على القصد مرغبة لهم فيه وقتاً من الأوقات جواب القسم وعبر بالصحبة لأنها مع كونها أدلّ على القصد مرغبة لهم فيه ومقبلة بهم إليه ومقبحة عليهم اتهامه في إنذاره وهم يعرفون طهارة شمائله { وما غوى } أي : وما مال أدنى ميل ولا كان مقصده مما يسوء فإنه محروس من أسباب غواية الشياطين وغيرها .

تنبيه : الغي جهل عن اعتقاد فاسد بخلاف الضلال ، وذهب أكثر المفسرين إلى أن الغي والضلال بمعنى واحد وفرق بعضهم بينهما فقال : الضلال في مقابلة الهدى ، والغي في مقابلة الرشد قال تعالى : { قد تبين الرشد من الغي } [ البقرة : 256 ] وقال تعالى { وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغيّ يتخذوه سبيلاً } [ الأعراف : 146 ] قال الرازي : وتحقيق القول فيه أنّ الضلال أعم استعمالاً في الوضع تقول : ضل بعيري ورحلي ولا تقول غيّ .

فائدة : قد دافع الله سبحانه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمّا باقي الأنبياء فدافعوا عن أنفسهم { ليس بي ضلالة } { ليس بي سفاهة } ونحو ذلك قاله القشيري فإن قيل : كيف الجمع بين قوله تعالى : { ما ضلّ صاحبكم } وبين قوله تعالى : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] أجيب : بأنّ المراد من الآية الآتية وجدك ضالاً عما أنت عليه الآن من الشريعة فهداك إليها بخلاف هذه الآية .