السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ} (14)

ولما ذكر التأثير في الأحياء أتبعه التأثير في الجمادات وبدأ منها بالسفليات لملابستها للإنسان فتكون عبرته بها أكثر ، فقال تعالى : { وحملت الأرض والجبال } أي : التي بها ثباتها حملتهما الريح أو الملائكة أو القدرة من أماكنهما { فدكتا } أي : مسحت الجملتان الأرض وأوتادها وبسطت ودق بعضها ببعض { دكة واحدة } أي : فصارتا كثيباً مهيلاً بأيسر أمر ، فلم يميز شيء منهما عن الآخر بل صارتا في غاية الاستواء ، ومنه اندك سنام البعير إذا انفرش في ظهره ، وقال الفراء : لم يقل فدككن لأنه جعل الجبال كلها كالجملة الواحدة والأرض كالجملة الواحدة ، ومثله { أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما } [ الأنبياء : 30 ] ولم يقل كن وهذا الدك كالزلزلة لقوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } [ الزلزلة : 1 ] .