السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ} (34)

وفي قوله تعالى : { ولا يحض } أي : يحث { على } بذل { طعام المسكين } دليلان قويان على عظم الجرم في حرمان المسكين : أحدهما : عطفه على الكفر وجعله قرينة له . والثاني : ذكر الحض دون الفعل ليعلم أن تارك الحض بهذه المنزلة فكيف بتارك الفعل ، وما أحسن قول القائل :

إذا نزل الأضياف كان عذوّرا *** على الحيّ حتى تستقل مراجله

يريد حضهم على القرى واستعجالهم ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين ، وكان يقول : خلعنا نصف السلسلة بالإيمان أفلا نخلع نصفها الثاني بالطعام . وقيل : هو منع الكفار وقولهم : { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } [ يس : 47 ] والمعنى على بذل طعام المسكين .

ولما وصفه سبحانه بأقبح العقائد وأشنع الرذائل تسبب عنه قوله تعالى : { فليس له اليوم هاهنا حميم } .