السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أُوْلَـٰٓئِكَ فِي جَنَّـٰتٖ مُّكۡرَمُونَ} (35)

ولما ذكر تعالى خلالهم أتبعه ما أعطاهم ، فقال عز من قائل مستأنفاً أو منتجاً من غير فاء إشارة إلى أن رحمته هي التي أوصلتهم إلى ذلك من غير سبب منهم في الحقيقة : { أولئك } أي : الذين في غاية العلوّ لما لهم من الأوصاف العالية { في جنات } أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الآخرة فواضح ، وأما في الدنيا فلأنهم لما جاهدوا فيه بإتعاب أنفسهم في هذه الأوصاف حتى تخلقوا بها أعطاهم بمباشرتها لذاذات من أنس القرب وحلاوة المناجاة لا يساويها شيء أصلاً ، والجنة محل اجتمع فيه جميع الراحات والمستلذات والسرور وانتفى عنه جميع المكروهات والشرور ، وضدها النار . وزادهم على ذلك بقوله تعالى : { مكرمون } معبراً باسم المفعول إشارة إلى عموم الإكرام من الخالق والخلق الناطق وغيره ، لأنه سبحانه قضى بأن يعلي مقدارهم فيكرمهم بأنواع الكرامات فيتلقاهم بالبشرى حين الموت وفي قبورهم ومن حين قيامهم من قبورهم إلى دخولهم إلى قصورهم هذا حال المؤمنين .