السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلۡجِبَالُ كَثِيبٗا مَّهِيلًا} (14)

وقوله تعالى : { يوم ترجف } منصوب بالاستقرار المتعلق به لدينا والرجفة الزلزلة والزعزعة الشديدة فتزلزل { الأرض } أي : كلها { والجبال } أي : التي هي أشدّها { وكانت } أي : وتكون { الجبال } التي هي مراسي الأرض وأوتادها وعبر عن شدّة الاختلاط والتلاشي بالتوحيد ، فقال تعالى : { كثيباً } أي : رملاً مجتمعاً ، من كثب الشيء إذا جمعه ، كأنه فعيل بمعنى مفعول في أصله ، ومنه الكثبة من اللبن { مهيلاً } قال ابن عباس : رملاً سائلاً يتناثر . وقال الكلبي : هو الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده . قال القرطبي : وأصله مهيول وهو مفعول من قولك هلت عليه التراب أهيله إهالة وهيلاً إذا صببته ، يقال : مهيل ومهيول ، ومكيل ومكيول ومعين ومعيون . قال الشاعر :

قد كان قومك يحسبونك سيداً *** وأخال أنك سيد معيون

وقال عليه الصلاة والسلام حين شكوا إليه الجدوبة : «أتكيلون أم تهيلون » ؟ قالوا : نهيل . قال : «كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه » .

وأصل مهيل مهيول استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الهاء فالتقى ساكنان ، فسيبويه وأتباعه حذفوا الواو ، وكانت أولى بالحذف لأنها زائدة ، وإن كانت القاعدة أنّ ما يحذف لالتقاء الساكنين الأوّل ، ثم كسروا الهاء لتصح الياء ، ووزنه حينئذ مفعل ، والكسائي ومن تبعه حذفوا الياء لأنّ القاعدة حذف الأوّل كما مرّ .