السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (53)

{ قل } يا محمد لهؤلاء المنافقين { أنفقوا طوعاً أو كرهاً } أي : من غير إلزام من الله ورسوله أو ملزمين .

وسمي الإلزام إكراهاً لأنهم منافقون فكان إلزامهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم لأنّ رؤساء أهل النفاق كانوا يحملون على الإنفاق لما يرون من المصلحة فيه أو مكرهين من جهتهم { لن يتقبل منكم } أي : لا تقبل منكم نفقاتكم على أيّ حال كان .

فإن قيل : كيف أمرهم بالإنفاق ثم قال : { لن يتقبل منكم } ؟ أجيب : بأن هذا أمر في معنى الخبر كقوله تعالى : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً } ( مريم ، 75 ) وروي أنها نزلت في الجدّ بن قيس حين تخلف عن غزوة تبوك وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مالي أعينك به فاتركني .

ثم علل تعالى سبب منع القبول بقوله تعالى : { إنكم } أي : لأنكم { كنتم قوماً فاسقين } والمراد بالفسق هنا الكفر .