ثم ذكر أنهم إن أتوا بشيء من صورة البر لم يكن له قدر عند الله ولا ينتفعون به في الآخرة ، والغرض أن أسباب الذل والهوان مجتمعة عليهم في الدنيا والأخرى . عن ابن عباس نزلت في الجد بن قيس حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ائذن لي في القعود وهذا مالي أعينك به . ولا يبعد أن يكون السبب خاصاً والحكم عاماً . و{ أنفقوا } لفظه أمر ومعناه خبر كقوله فيما يجيء { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } [ التوبة : 80 ] ومعناه أنفقوا وانظروا هل يتقبل منكم واستغفر لهم ، أو لا تستغفر لهم وانظر هل ترى اختلافاً بين حال الاستغفار وتركه ؟ ومثله قول كثير لعزة :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة *** . . .
كأنه يقول : امتحني لطف محلك عندي وعامليني بالإساءة والإحسان وانظري هل تجدين مني تفاوتاً في الحالين . وإنما يجوز إقامة الخبر والطلب أحدهما مقام الآخر إذا دل الكلام عليه فيعدل عن الأصل لإفادة المبالغة . وانتصب { طوعاً أو كرهاً } على الحال ومعناه طائعين من غير إلزام من الله ورسوله أو ملزمين من جهتهما . وسمي الإلزام كراهاً لأنهم منافقون فكان إلزام الله إياهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه . ويحتمل أن يراد طائعين من غير إكراه من رؤسائكم أو ملزمين من جهتهم ، وذلك أن رؤساء أهل النفاق كانوا يحملونهم على الإنفاق إذا رأوا فيه مصلحة . ومعنى { لن يتقبل منكم } أن الرسول لا يقبله منكم ، أو أنه لا يقع قبولاً عند الله . ثم علل عدم القبول بقوله { إنكم كنتم قوماً فاسقين } قال الجبائي : فيه دليل على أن الفسق يحبط الطاعات . وأجيب بأن الفسق هاهنا بمعنى الكفر ولا يلزم منه كون الفسق المطلق كذلك . وإنما قلنا إن الفسق بمعنى الكفر لقوله سبحانه { وما منعهم أن تقبل منهم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.