تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (53)

وقوله تعالى : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ) قال بعضهم الآية في الجهاد ، وإن المنافقين كانوا يأمرون بالجهاد والقتال مع الكفرة ، على ما أمر أهل الإيمان بذلك .

ثم منهم من كان يخرج للجهاد ، ومنهم من كان يجهز غيره ، ويقعد ، ومنهم من كان يخرج كارها ، ونحوه . فنزل قوله : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) أي خوفا ( لن يتقبل منكم ) .

ومنهم من قال الآية في الزكاة ؛ إن الله عز وجل فرض الزكاة في أموال المؤمنين والمنافقون قد أظهروا الإيمان وكانوا ينفقون ، ويؤدون الزكاة ، لكن منهم من كان يؤدي طوعا ، ومنهم من يؤدي كرها ، فقال : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ) لأنهم كانوا لا يرون قربة ، وكانوا ينفقون وهم كارهون في الباطن . ألا ترى أنه قال : ( ولا ينفقون إلا وهم كارهون ) ؟ [ الآية : 54 ] .

دل أنهم كانوا ينفقون جميعا ، وهم كارهون لذلك في الباطن[ في الأصل وم : الباطل ] . ثم بين ما به لم يتقبل نفقاتهم ، وهو ما ذكر ( إنكم كنتم قوما فاسقين ) .