فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَنفِقُواْ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (53)

{ قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم } هذا الأمر معناه الشرط والجزاء لأن الله سبحانه لا يأمرهم بما لا يتقبله منهم ، والتقدير إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يتقبل منكم ، وقيل هو أمر في معنى الخبر أي أنفقتم طوعا أو كرها لن يتقبل منكم فهو كقوله : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } وفي الإشعار بتساوي الأمرين في عدم القبول .

وانتصاب طوعا وكرها على الحال فهما مصدران في موقع المشتقين أي انفقوا طائعين من غير أمر من الله ورسوله أو مكرهين بأمر منهما ، وليس المراد بالطوع الرغبة لقوله الآتي : { إلا وهم كارهون } أي لا رغبة لهم وسمى الأمر منهما إكراها لأنهم منافقون لا يأتمرون بالأمر فكانوا بأمرهم الذي لا يأتمرون به كالمكرهين على الإنفاق أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم أو مكرهين منهم ، قال الخطيب : وهذه الآية وإن كانت خاصة في إنفاق المنافقين فهي عامة في حق كل من أنفق ماله لغير وجه الله بل أنفقه رياء وسمعة فإنه لا يقبل منه { إنكم كنتم قوما فاسقين } تعليل لعدم قبول إنفاقهم ، والفسق هنا التمرد والعتو وقد سبق بيان الفسق لغة وشرعا .