إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَحَرَّمۡنَا عَلَيۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰٓ أَهۡلِ بَيۡتٖ يَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَٰصِحُونَ} (12)

{ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع } أي منعناه أنْ يرتضعَ من المرضعاتِ . والمَرَاضعُ جمعُ مرضعٍ وهي المرأةُ التي تُرضع أو مُرضع وهو الرَّضاعُ أو موضعُه أعني الثَّديَ { مِن قَبْلُ } أي من قبلِ قصِّها أثرَه { فَقَالَتْ } عند رؤيتِها لعدمِ قَبُولِه الثَّديَ واعتناءَ فرعونَ بأمرِه وطلبَهم من يقبلُ ثديَها { هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } أي لأجلِكم { وَهُمْ لَهُ ناصحون } لا يُقصِّرون في إرضاعِه وتربيتِه . رُوي أنَّ هامان لمَّا سمعَه منها قال : إنَّها لتعرفُه وأهلَه فخذُوها حتَّى تخبرَ بحالِه فقالتْ : إنَّما أردتُ وهم للملكِ ناصحُون فأمرَها فرعونُ بأنْ تأتيَ بمَن يكفلُه فأتتْ بأمِّه ومُوسى على يدِ فرعونَ يبكِي وهو يُعلله فدفعَه إليها فلمَّا وجدَ ريحَها استأنسَ والتقمَ ثديها فقالَ : مَن أنتِ منه فقد أبَى كلَّ ثديٍ إلا ثديكِ فقالتْ : إنِّي امرأةٌ طيبةُ الريح طيبة اللبنِ لا أُوتى بصبيَ إلا قبِلني فقرَّره في يدِها وأجرى عليها فرجعتْ إلى بيتِها من يومِها وذلكَ قولُه تعالى : { فرددناه إلى أُمّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا }