[ الآية 12 ] وقوله تعالى : { وحرمنا عليه المراضع من قبل } حرم تحريم منع وحظر : [ التحريم ]{[15241]} الذي ضده الإطلاق والإرسال لا التحريم الذي ضده الحل ؛ وذلك لطف من الله تعالى وفضل ورحمة حين{[15242]} منع موسى عن أن يرضع من النساء ، وهو طفل ، وهمة أمثاله الارتضاع والرغبة في التناول من كل لبن ومن كل مرضع ترضعه لا [ تمييز له ]{[15243]} في الارتضاع . فدل امتناعه وكفه نفسه عن الارتضاع من النساء جمع أن ذلك لطف من الله أعطاه ليمتنع عنه .
فعلى ذلك جائز أن يكون{[15244]} عند الله لطف ، لو أعطى الكافر الذي همته الكفر والرغبة فيه لآمن ، واهتدى . لكنه لما عرف رغبته وهمته فيه واختياره له منع ذلك عنه ، ولم يعطه .
وهذا{[15245]} الحرف ينقض على المعتزلة مذهبهم في زعمهم أن الله قد أعطى كل كافر السبب الذي به يؤمن وما به يصير مؤمنا حتى لم يبق شيء مما يكون به إيمانه إلا وقد أعطاه ، لكنه لم يؤمن .
فينقض قولهم ما ذكرنا من أمر موسى أن عنده لطفا{[15246]} لم يعطه ، لو أعطاه لآمن واهتدى . لكنه لم يعطه لما ذكرنا .
وفيه لطف آخر ، وهو أن فرعون والقبط كانوا يقتلون الولدان من الذكور ليصير الذي يخاف هلاكه وذهاب ملكه على يديه مقتولا . فجعل الله بلطفه ورحمته محبته في قلب فرعون وقلوب أهله حتى صار أحب الخلق إليهم ، وصاروا أشفق الناس وأرحمهم عليه حتى خافوا هلاكه ، وطلبوا له المراضع لئلا يهلك بعد ما كانوا يطلبون هلاكه وتلفه . وذلك لطف منه له ورحمة . وهو ما قال : { وألقيت عليك محبة مني } [ طه : 39 ] . وبالله يستفاد{[15247]} كل فضل ونعمة .
وقوله تعالى : { فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } قوله : { فقالت } أي أخته التي كانت تتبعه ، وتمشي على إثره ، وذلك منها [ عدم ]{[15248]} تعريض الدلالة لهم إلى أمه لئلا يشعروا أنها أمه حين{[15249]} قالت : { هل أدلكم على أهل بيت } ولم تقل : على امرأة لها لبن وهي ترضع . ولعلها لو قالت لهم ذاك وقع عندهم أنها أمه . ولكن دلتهم على بيت ليقع عندهم أنهم أهل بيت قتل ولدهم ، ولهم ولد { يكفلونه لكم } أي يقبلونه ، ويضمونه إلى أنفسهم { وهم له ناصحون } .
يحتمل قوله : { وهم له ناصحون } أي لفرعون ، لا يخونوه فيه . ويحتمل { وهم له ناصحون } لموسى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.