قوله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع }{[39799]} قيل : يجوز أن يكون جمع مُرْضِع وهي المرأة ، وقيل : جمع مَرْضَع بفتح الميم والضاد ، ثم جَوَّزوا فيه أن يكون مكاناً أي : مكان الإِرضاع وهو الثَّدي وأن يكون مصدراً أي : الإرْضَاعاتُ ، أن : أنواعها{[39800]} ، و «مِنْ قَبْلُ » أي : من قبل قصِّهَا أَثرهُ{[39801]} ، أو من قبل مجيء أخته ، ومن قبل ولادته في حكمنا وقضائنا{[39802]} . والمراد من التحريم المنع ، لأن التحريم بالنهي تعبّد وذلك لا يصح ، فلا بُدَّ من فِعْل سواه ، فيحتمل أن - تعالى - غيَّر طبعه عن لبن سائر النساء ، فلذلك لم يرتضع أو أحدث في لبنهن طعماً ينفر عنه طبعه ، أو وضع في لبن أمه لذة تعود بها ، فكان يكره لبن غيرها{[39803]} .
قال ابن عباس : إن امرأة فرعون كان همَّها من الدنيا أن تجد له مرضعة ، فكل ما أتوه بمرضعة لم يأخذ ثديها ؛ فذلك قوله عزَّ وجلَّ { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع }{[39804]} ، فلمَّا رأت أخت موسى التي أرسلتها أمّه في طلبه ذلك { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ } أي : يرضعونه لكم{[39805]} ويضمنونه ، وهي امرأة قد قُتِلَ ولدها فأحبُّ شيءٍ إليها أن تجد صغيراً ترضعه{[39806]} .
قوله : { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } الظاهر أنه ضمير موسى ، وقيل لفرعون{[39807]} ، قال ابن جُريج والسُّديّ : لما قالت أخت موسى { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } استنكروا حالها وتفرّسوا أنها قرابتُه ، فقالت : إنَّمَا أَرَدْتُ وهم للملك ناصِحُونَ ، فتخلَّصَت منهم{[39808]} ، وهذا يُسمى عند أهل البيان الكلام الموجَّه{[39809]} ومثله : لما سُئِل بعضهم وكان بين أقوام بعضهم يحب عليّاً دون غيره ، وبعضهم أبا بكر وبعضهم عمر وبعضهم عثمان ، فقيل له : أيهم أحبّ إلى رسول الله ؟ فقال{[39810]} : من كانت ابنته تحته . وقيل لما تفرّسوا أنه قرابتُهُ قالت : إنما قلت هذا رغبة في سرور الملك ، واتصالنا به{[39811]} . وقيل : إنها لما قالت : " هل أدلكم على أهل بيت " ، قالوا لها : من ؟ قالت : أمي . قالوا : ولأمك ابن ؟ قالت : نعم ، هارون ، وكان هارون ولد في سنة لا يقتل فيها . قالوا : صدقت ، فائتينا بها ، فانطلقت إلى أمه فأخبرتها بحال ابنها ، وجاءت بها إليهم ، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها وجعل يمصّه حتى امتلأ جنباه ريّاً{[39812]} .
والنصح : إخلاص العمل من سائر الفساد{[39813]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.