إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (17)

{ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } من النُّفوسِ لا مَلَكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ فضلاً عمَّن عداهم { مَّا أُخْفِيَ لَهُم } أي لأولئكَ الذين عُدِّدت نعوتُهم الجليلةُ { مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } مما تقرُّ به أعينُهم وعنْهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : ( يقولُ الله عزَّ وجلَّ : أعددتُ لعبادي الصَّالحينَ ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطَر على قلبِ بشرٍ ، بَلْهَ ما اطلعتُم عليهِ اقرؤا إنْ شئتُم ، فلا تعلم نفسٌ ما أُخفي لهم من قرَّةِ أعينٍ{[655]} ) . وقرئ ما أُخفي لهم وما نُخفي لهم وما أَخفيتُ لهم على صيغة المتكلِّمِ وما أخفى لهم على البناءِ للفاعلِ وهو الله سبحانه . وقرئ قُرَّاتِ أعينٍ لاختلافِ أنواعِها . والعِلمُ بمعنى المعرفةِ وما موصولةٌ أو استفهاميةٌ عُلِّق عنها الفعلُ { جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي جُزوا جَزاءاً أو أُخفي لهم للجزاءِ بما كانُوا يعملونَه في الدُّنيا من الأعمالِ الصَّالحةِ . قيل : هؤلاءِ القومُ أخفَوا أعمالَهم فأخفَى الله تعالى ثوابَهم


[655]:أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب (8) وفي كتاب التفسير سورة (32) باب (1) وكتاب التوحيد باب (35) ومسلم في كتاب الإيمان حديث رقم (312) وفي كتاب الجنة حديث (2، 5) والترمذي في كتاب التفسير سورة (32) باب (2) والسورة (56) باب (1)؛ وابن ماجه في كتاب الزهد باب (39)؛ وأحمد في (5/334).