إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَٰنٗا وَتَسۡلِيمٗا} (22)

{ وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب } بيانٌ لما صدَر عن خُلَّصِ المؤمنينَ عند اشتباهِ الشؤونِ واختلافِ الظُّنونِ بعد حكايةِ ما صدرَ عن غيرِهم أي لمَّا شاهدُوهم حسبما وصفُوا لهم { قَالُواْ هذا } مُشيرين إلى ما شاهدُوه من حيثُ هو غيرِ أنْ يخطرَ ببالِهم لفظٌ يدلُّ عليه فضلاً عن تذكيرِه وتأنيثِه فإنَّهما من أحكامِ اللَّفظِ كما مرَّ في قولِه تعالى : { فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةًً قَالَ هذا رَبّي } [ سورة الأنعام ، الآية78 ] وجعله إشارةً إلى الخطبِ أو البلاءِ من نتائجِ النَّظرِ الجليلِ فتدبَّر . نَعم يجوزُ التَّذكيرُ باعتبارِ الخبرِ الذي هُو { ما وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ } فإنَّ ذلكَ العُنوان أولُ ما يخطُر ببالِهم عند المُشاهدةِ ومرادُهم بذلك ما وعدُوه بقولِه تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البأساء والضراء } [ سورة البقرة ، الآية214 ] إلى قولِه تعالى : { أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ } [ سورة البقرة ، الآية214 ] وقولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : ( سيشتدُّ الأمرُ باجتماعِ الأحزابِ عليكم والعاقبةُ لكم عليهم ) [ لم أقف عليه ] ، وقوله عليه الصَّلاةُ والسَّلام : ( إنَّ الأحزابَ سائرونَ إليكُم بعدَ تسعِ ليالٍ أو عشرٍ ) . وقرئ بكسرِ الرَّاءِ وفتح الهمزةِ { وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ } أي ظهَر صدقُ خبرِ الله تعالى ورسولِه أو صَدَقا في النُّصرة والثَّوابِ كما صَدَقا في البلاءِ وإظهارِ الاسمِ للتَّعظيم { وَمَا زَادَهُمْ } أي ما رَأَوه { إِلاَّ إِيمَانًا } بالله تعالى وبمواعيدهِ { وَتَسْلِيماً } لأوامرِه ومقاديرِه .