إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا} (10)

وقوله تعالى : { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً } أي على وجه الظلمِ أو ظالمين ، استئنافٌ جيء به لتقرير مضمونِ ما فُصِّل من الأوامر والنواهي { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ } أي ملءَ بطونِهم { نَارًا } أي ما يُجرُّ إلى النار ويؤدِّي إليها ، وعن أبي برزة أنه صلى الله عليه وسلم قال : «يبعث الله تعالى قوماً من قبورهم تتأجّج أفواهُهم ناراً » فقيل : من هم ؟ فقال عليه السلام : «ألم تر أن الله يقول : { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً } » { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } أي سيدخُلون ناراً هائلةً مبْهمةَ الوصفِ وقرئ بضم الياء مخففاً ومشدداً من الإصلاء والتصلية ، يقال : صِليَ النار قاسى حرَّها وصلَيتُه وشويتُه وأصليتُه وصلّيتُه ألقيته فيها . والسعير فعيل بمعنى مفعول من سعَرتُ النارَ إذا ألهبتُها . روي أن آكلَ مالِ اليتيم يبعث يوم القيامةِ والدخانُ يخرج من قبره ومِنْ فيه وأنفِه وأُذنيه وعينيه فيعرف الناسُ أنه كان يأكلُ مالَ اليتيمِ في الدنيا . وروي أنه لما نزلت هذه الآيةُ ثقُل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية فصعب الأمرُ على اليتامى فنزل قوله تعالى : { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ } [ البقرة ، الآية 220 ] الآية .