صلى بالنار تسخن بها ، وصليته أدنيته منها .
التسعير : الجمر المشتعل من سعرت النار أوقدتها ، ومنه مسعر حرب .
{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً } نزلت في المشركين كانوا يأكلون أموال اليتامى ولا يورثونهم ولا النساء ، قاله : ابن زيد .
وقيل : في حنظلة بن الشمردل ، ولي يتيماً فأكل ماله .
وقيل : في زيد بن زيد الغطفاني ولي مال ابن أخيه فأكله ، قاله : مقاتل .
وقال الأكثرون : نزلت في الأوصياء الذين يأكلون من أموال اليتامى ما لم يبح لهم ، وهي تتناول كل أكل بظلم لم يكن وصياً وانتصاب ظلماً على أنه مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله ، وخبران هي الجملة من قوله : إنما يأكلون .
وفي ذلك دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بأن خبراً ، لأن وفي ذلك خلاف .
وحسن ذلك هنا تباعدهما يكون اسم إنّ موصولاً ، فطال الكلام بذكر صلته .
وفي بطونهم : معناه ملء بطونهم يقال : أكل في بطنه ، وفي بعض بطنه .
كلوا في بعض بطنكم تعفوا *** فإن زمانكم زمن خميص
والظاهر : تعلق في بطونهم بيأكلون ، وقاله الحوفي .
وقال أبو البقاء : هو في موضع الحال من قوله : ناراً .
ونبّه بقوله : في بطونهم على نقصهم ، ووصفهم بالشره في الأكل ، والتهافت في نيل الحرام بسبب البطن .
وأين يكون هؤلاء من قول الشاعر ؟ !
تراه خميص البطن والزاد حاضر *** وقول الشنفري :
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن *** بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
وظاهر قوله : ناراً أنهم يأكلون ناراً حقيقة .
وفي حديث أبي سعيد عن ليلة الإسراء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت قوماً لهم مشافر كمشافر الإبل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صحراً من نار يخرج من أسافلهم ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً وبأكلهم النار حقيقة » قالت طائفة : وقيل : هو مجاز ، لما كان أكل مال اليتيم يجر إلى النار والتعذيب ، بها عبر عن ذلك بالأكل في البطن ، ونبه على الحامل على أخذ المال وهو البطن الذي هو أخس الأشياء التي ينتفع بالمال لأجلها ، إذ مآل ما يوضع فيه إلى الاضمحلال والذهاب في أقرب زمان .
ولذلك قال : « ما ملأ الإنسان وعاء شراً من بطنه »
وقرأ الجمهور : وسيصلون مبنياً للفاعل من الثلاثي .
وقرأ ابن عامر وأبو بكر : بضم الياء وفتح اللام مبنياً للمفعول من الثلاثي .
وابن أبي عبلة : بضم الياء وفتح الصاد واللام مشدّدة مبنياً للمفعول .
والصلا من : التسخن بقرب النار ، والإحراق إتلاف الشيء بالنار .
وعبر بالصلا بالنار عن العذاب الدائم بها ، إذ النار لا تذهب ذواتهم بالكلية ، بل كما قال : { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب } وهذا وعيد عظيم على هذه المعصية .
وجاء يأكلون بالمضارع دون سين الاستقبال ، وسيصلون بالسين ، فإن كان الأكل للنار حقيقة فهو مستقبل ، واستغنى عن تقييده بالسين بعطف المستقبل عليه .
وإن كان مجازاً فليس بمستقبل ، إذ المعنى : يأكلون ما يجر إلى النار ويكون سبباً إلى العذاب بها .
ولما كان لفظ نار مطلقاً في قوله : إنما يأكلون في بطونهم ناراً ، قيد في قوله سعيراً ، إذ هو الجمر المتقد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.