تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا} (10)

وقوله تعالى : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } أي استحلالا ، فإذا استحل كفر . فذلك الوعيد له ، وقيل : { ظلما } أي غصبا والأكل هو عبارة عن الأخذ كقوله : { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } ( آل عمران 275 ) إنما هو نهي عن أخذه وكذلك قوله : { الذين يأكلون الربا } ( البقرة 175 ) وقوله { وذروا ما بقي من الربا } ( البقرة 278 ) إنما هو نهي عن قبض الربا فعلى ذلك الأكل في هذه الآية عبارة عن الأخذ والاستحلال .

ومن حمل الآية على الغصب جعل الوعيد عليه ، إلا أن يتوب ، إذ لله العذاب من شاء من ارتكب من عباده جرما كما جعل الوعيد على المستحل إلا أن يتوب ، وقيل : إنه على التمثيل أن الذي يأكل من مال اليتيم كأنه يأكل نارا لخبثه وشدته .

وعن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اتقوا الله في الضعيفين " ، قيل : ومن هما يا رسول الله ؟ قال : " اليتيم والمرأة ، فإن الله أيتمه ، وأوصى به ، وابتلاه ، وابتلى به " ( ( ابن جرير الطبري في تفسيره 5/ 245 ) وقيل : في قوله : { فليتقوا الله وليقولوا } للميت إذا جلسوا{[4888]} إليه : { قولا سديدا } أي عدلا في وصيته ولا يجور من عدل في وصيته عند موته ، فكأنما وجه ماله في سبيل الله .

قال{[4889]} سعد بن أبي وقاص : ( فسئل{[4890]} النبي صلى الله عليه وسلم : بكم{[4891]} يوصي الرجل من ماله ؟ فقال : " الثلث والثلث كثير ، لأن تدع عيالك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس " ( البخاري 2743 و2742 ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم ( زيادة في أعمالكم }{[4892]} عند وفاتكم " ) ( أحمد 6/441 ) .


[4888]:في الأصل و م: جلس.
[4889]:في الأصل و م: فقال.
[4890]:في الأصل و م: فسأل.
[4891]:في الأصل و م: وكم.
[4892]:من م.