قوله تعالى : { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً . . . } [ النساء :10 ] .
أكْثَرُ النَّاس أنَّ الآية نزلَتْ في الأوصياء الذين يأكُلُون ما لم يُبَحْ لهم مِنْ أموال اليتامى ، وهي تتناوَلُ كُلَّ آكل ، وإنْ لم يكُنْ وصيًّا ، وورد في هذا الوعيدِ أحاديثُ ، منها : حديثُ أبِي سَعِيدٍ الخدريِّ ، قال : حَدَّثَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ، قَالَ : ( رَأَيْتُ قَوْماً لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الإبِلِ ، وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذُ بِمَشَافِرِهِمْ ، ثُمَّ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ صَخْراً مِنْ نَارٍ تَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ : هُمُ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً ) .
قُلْتُ : تأمَّل ( رحمك اللَّه ) صَدْرَ هذه السورةِ معظمه إنَّما هو في شأن الأجوفَيْنِ البَطْنِ والفَرْجِ مع اللسان ، وهما المُهْلِكَانِ ، وأعْظَمُ الجوارحِ آفةً وجنايةً على الإنسان ، وقد رُوِّينَا عن مالكٍ في «الموطأ » ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أنَّهُ قَالَ : ( مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثنتين ، وَلَجَ الجَنَّةَ : مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ) . قَالَ أبُو عُمَر بْنُ عبدِ البَرِّ في «التمهيد » : ومعلوم أنه أراد صلى الله عليه وسلم ما بَيْن لَحْيَيْهِ : اللسان ، وما بَيْنَ رجلَيْه : الفَرْج ، واللَّه أعلم .
ولهذا أردَفَ مالكٌ حديثه هذا ، بحَدِيثِهِ عَنْ زيْد بنِ أَسْلَمَ ، عن أبيه ، أنَّ عمر بن الخطَّاب دَخَلَ على أبِي بَكْرٍ ( رضي اللَّه تعالى عنه ) ، وهو يَجْبِذُ لِسَانَهُ ، فَقَالَ له عُمَر : مَهْ ، غَفَرَ اللَّه لَكَ ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ : إن هذا أوْرَدَنِي المَوَارِدَ ، قال أبو عمر : وفي اللسان آثار كثيرةٌ ، ثم قال أبو عُمَر : وعَنْ أبي هُرَيْرة : " إنَّ أكْثَرَ ما يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ الأجْوَفَانِ : البَطْن ، والفَرْج " ، ثم أسند أبو عُمَر عن سَهْل بن سَعْد ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، أَضمَنْ لَهُ الجَنَّة ) ، ومن طريق جابر نحوه ، انتهى .
والصّلي : هو التسخُّن بقُرْب النَّار أو بمباشرتها ، والمُحْتَرِقُ الذي يذهبه الحَرْقُ ليس بصَالٍ إلاَّ في بدء أمره ، وأهْلُ جهنَّم لا تُذْهِبُهم النَّار ، فهم فيها صَالُونَ ، ( أعاذنا اللَّه منها بجُودِهِ وكَرَمِهِ ) ، والسعير : الجَمْر المُشْتَعِلُ . وهذه آية من آياتِ الوَعيد ، والَّذي يعتقدُه أهل السُّنَّة أنَّ ذلك نافذٌ على بعض العُصَاة ، لَئِلاَّ يقع الخَبَر بخلافِ مخبره ، ساقط بالمشيئة عن بعضهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.