إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (26)

{ واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ } أي وقتَ كونِكم قليلاً في العدد ، وإيثارُ الجملةِ الاسمية للإيذان باستمرار ما كانوا فيه من القلة وما يتبعها من الضعف والخوف ، وقوله تعالى : { مُّسْتَضْعَفُونَ } خبرٌ ثانٍ أو صفةٌ لقليل وقوله تعالى : { في الأرض } أي في أرض مكةَ تحت أيدي قريشٍ والخطابُ للمهاجرين ، أو تحت أيدي فارسَ والرومَ ، والخطاب للعَرَب كافةً فإنهم كانوا أذلأَ تحت أيدي الطائفتين ، وقوله تعالى : { تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس } خبرٌ ثالثٌ أو صفةٌ ثانية لقليلٌ وُصِفَ بالجملة بعد ما وصف بالمُفرد ، أو حالٌ من المستكنِّ في مستضعفون والمرادُ بالناس على الأول وهو الأظهرُ إما كفارُ قريشٍ وإما كفارُ العرب لقربهم منهم وشدةِ عداوتهم لهم ، وعلى الثاني فارس والروم أي واذكروا وقت قتلكم وذِلتكم وهَوانِكم على الناس وخوفِكم من اختطافهم { فَآوَاكُمْ } إلى المدينة أو جعل لكم مأوى تتحصنون به من أعدائكم { وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ } على الكفار أو بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة { وَرَزَقَكُم منَ الطيبات } من الغنائم { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هذه النعمَ الجليلة .