الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (26)

وقوله سبحانه : { واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ } [ الأنفال : 26 ] .

هذه الآية تتضمَّنِ تعديد نِعَم اللَّه على المؤمنين ، و«إذ » : ظرفٌ لمعمول ، «واذكروا » : تقديره : واذكروا حالَكُم الكائنةً ، أو الثابتَةَ إذْ أنتم قليل ، ولا يجوزُ أنْ تكون «إذْ » ظرفاً للذِّكْر .

وإِنما يعمل الذِّكْرُ في «إذْ » لو قدَّرناها مفعولة ، واختلف في الحال المشار إِليها بهذه الآية ، فقَالَتْ فرقَةٌ ؛ وهي الأكثر : هي حالُ المؤمنين بمكَّة في وقْتِ بداءةِ الإسلام ، والنَّاس الذين يُخَافُ تخطُّفُهم كُفَّار مكَّة ، والمأْوَى : المدينةُ ، والتأييدُ بالنَّصْر : وَقْعَةُ بَدْرٍ وما انجر معها في وقتها ، والطيبات : الغنائم وسائر ما فتح الله عليهم به ، وقالتْ فرقة : الحال المشارُ إليها هي حالهم في غزوة بَدْرٍ ، والناس الذين يُخَافُ تخطُّفهم ، على هذا : عسكر مكَّة وسائر القبائل المجاورة ، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يتخوَّف من بعضهم ، والمأوى على هذا ، والتأييد بالنصر : هو الإِمداد بالملائكَةِ والتغليبُ على العدو ، و{ الطَّيِّبَات } : الغنيمة .