وقوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ ) الآية ، عن أهل الإسلام في ابتداء الأمر كانوا قليلي العدد مستضعفين عند الكفرة حتى كانوا يخافون أن يسلب الكفرة أزواجهم ، وكانوا لا يأمنون على أنفسهم بالمقام في البلدان لقلة عددهم وضعفهم خوفا على أنفسهم وإشفاقا ، فتركوا المقام بالبلدان ، وخرجوا إلى الجبال والغيران ، فأقاموا فيها ، وأكلوا الحشيش والكلأ طعام الأنعام خوفا على أبدانهم وإشفاقا على دينهم .
ثم إن الله عز وجل ، آواهم ، وأنزلهم في البلدان والأمصار ، وأيدهم ، ونصرهم على عدوهم ، ورزقهم الطيبات طعام البشر بعد ما أكلوا الحشيش طعام البهائم[ من م ، في الأصل : البشر ] ( لعلكم تشكرون ) ليلزمهم الشكر على ذلك . ولا يجوز لهم ألا يشكروا بعد ما أصابوا . ذكر هذا ، والله أعلم بنا ، لنكون نحن من الإشفاق في الدين مثل أولئك حين هربوا منهم ، واتخذوا الجبال والغيران بيوتا والحشيش طعاما ، وتركوا أموالهم ونعمهم ، ورضوا بذلك إشفاقا على دينهم .
وقال عامة أهل التأويل : نزلت الآية في أهل بدر ، وكانوا قليلي[ في الأصل وم : قليل ] العدد والعدة ضعيفي[ في الأصل وم : ضعيف ] الأبدان ، والعدو كثير العدد وقوي الأبدان ، فاشتد عليهم الخروج لذلك كقوله تعالى : ( كما أخرجك ربك من بيتك ) الآية[ الأنفال : 5 ] فكيف ما كان ففيه ما ذكرنا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون ) أي إذ كنتم قليلا . وفيه دلالة لقول أبي حنيفة ، رحمه الله ، في من قال : هذا الشيء لفلان ، اشتريه منه ، صدق ، ويصير كأنه قال : هذا الشيء كان لفلان [ اشتريه ][ من م ، ساقطة في الأصل ] منه ؛ دليله قوله تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون ) أي إذ كنتم قليلا ، وقوله تعالى : ( وأيدكم بنصره ) على هذا التأويل بالملائكة ( ورزقكم من الطيبات ) المغانم التي رزقهم ، وأحل لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.