تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (77)

وقوله تعالى : ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) قال بعضهم : أثابهم نفاقا بما بخلوا إلى يوم القيامة وقال بعضهم : أعقبهم الدوام على النفاق بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون . ينبغي للمسلم أن يجتنب الكذب والخلف في الوعد فإنه سبب النفاق ، أو نوع من النفاقز وعلى ذلك روي في الخبر : «أن اجتنبوا الكذب فإنه باب من النفاق ، وعليكم بالصدق فإنه باب من الإيمان »[ السيوطي في الدر المنثور 4/248 ] .

وفي بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أربع من كن فيه كان منافقا : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر »[ البخاري 34 ] وفي بعضها : «وإذا ائتمن خان » .

فإن قيل : إن أولاد يعقوب ائتمنوا ، فخانوا ، وحدثوا ، فكذبوا ، بقولهم ( فأكله الذئب )[ يوسف : 17 ] ووعدوا فأخلفوا ، فنرى أنهم نافقوا ، قيل : ما روي أن من إذا حدث كذب في أمر الدين وأما الكذب في غير أمر الدين فإنه لا يوجب النفاق .

وفي الآية دلالة ألا ينص بالسؤال في شيء على غير طلب الخيرة في ذلك من الله .

ألا ترى أن ثعلبة [ بن حاطب الأنصاري ][ ساقطة من الأصل ] لما ألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السؤال أن يسأل ربه ليرزقه مالا فعل[ في الأصل : ففعل ] فأعقبه الله النفاق إلى يوم القيامة ؟ وأن[ في الأصل : ولأن ] أولاد يعقوب ، قد قدموا التوبة والإصلاح قبل صنيعهم الذي صنعوه على خوف منهم بما فعلوا ، فلم يصيروا منافقين ؟

وأصله أن اعتقاد الكذب واستحلال الخلاف لما عهدوا الخلف في الوعد هو الموجب للنفاق فإما نزل فعل الوفاء على غير استحلال منه فلا يوجب ما ذكر ، والله أعلم .