الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (27)

وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } يجوز أن يكون الجزاء مرفوعاً بإضمار أي : لهم جزاء ، ويجوز أن يكون مرفوعاً بالياء ، فيجوز أن يكون ابتداء وخبره بمثلها أي : مثلها بزيادة الباء فيها كقولهم : بحسبك قول السوء .

{ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ } من عذاب الله { مِنْ عَاصِمٍ } أي من مانع ، ومن صلة { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ } أُلبست { وُجُوهُهُمْ قِطَعاً } أكثر القراء على فتح الطاء وهو جمع قطعة ويكون «مظلماً » على هذه القراءة نصباً على الحال والقطع دون النعت كأنه أراد قطع من الليل المظلم فلما حذف الألف واللام نصب . يجوز أن يكون مظلماً صفة لقطع وسط الكلام كقول الشاعر :

لو أن مدحة حي منشر أحداً

وقرأ أبو جعفر والكسائي وابن كثير { قِطَعاً } بإسكان الطاء وتكون { مُظْلِماً } على هذا نعت كقوله : بقطع من الليل ، إعتباراً بقراءة أُبيّ : كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *