معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (27)

وقوله : { وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها . . . }

رفعت الجزاء بإضمار ( لهم ) كأنك قلت : فلهم جزاء السيئة بمثلها ؛ كما قال { ففِدية مِن صِيامٍ } و { فصيام ثلاثةِ أيام في الحج } والمعنى : فعليه صيام ثلاثة أيام ، وعليه فدية . وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله : { جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها } والأوّل أعجب إلىَّ .

وقوله : { كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً } و ( قطْعا ) . والقِطَع قراءة العامَّة . وهي في مصحف أبى { كأنما يَغْشَى وجوهَهم قِطْع من الليل مظلم } فهذه حجة لمن قرأ بالتخفيف . وإن شئت جعلت المظلم وأنت تقول قِطْع قطعا من الليل ، وإن شئت جعلت المظلم نعتا للقطع ، فإذا قلت قطعا كان قطعا من الليل خاصة . والقطع ظلمة آخر الليل { فأَسِر بأهلك بقطع من الليل } .