السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۭ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (27)

ولما بين تعالى حال الفضل فيمن أحسن بيّن حال العدل فيمن أساء بقوله تعالى : { والذين كسبوا السيئات } أي : الشرك { جزاء سيئة } منهم { بمثلها } بعدل الله من غير زيادة ، وفي ذلك إشارة إلى الفرق بين السيئات والحسنات ؛ لأنَّ الحسنات يضاعف ثوابها لعاملها من الواحد إلى العشرة إلى السبعمائة إلى أضعاف كثيرة تفضلاً منه تعالى وتكرّماً . وأما السيئة فإنه يجازي عليها بمثلها عدلاً منه تعالى { وترهقهم } أي : تغشاهم { ذلة } عكس أهل الجنة { ما لهم من الله من عاصم } أي : مانع يمنعهم من عذاب الله إذا نزل بهم { كأنما أغشيت } أي : ألبست { وجوههم قطعاً من الليل مظلماً } لفرط سوادها وظلمتها . وقرأ ابن كثير والكسائي بسكون الطاء ، أي : جزء ، والباقون بفتحها جمع قطعة ، أي : أجزاء { أولئك } أي : هؤلاء الأشقياء { أصحاب النار هم فيها خالدون } لا يتمكنون من مفارقتها .