{ والذين كَسَبُواْ السيئات } أي الشركَ والمعاصيَ وهو مبتدأٌ بتقدير المضافِ خبرُه قوله تعالى : { جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا } أي جزاءُ الذين كسبوا السيئاتِ أن يجازى سيئةً واحدةً بسيئة مثلها ، لا يزاد عليها كما يزاد في الحسنة ، وتغييرُ السبكِ حيث لم يقل : وللذين كسبوا السيئاتِ السوآى لمراعاة ما بين الفريقين من كمال التنائي والتبايُن ، وإيرادُ الكسب للإيذان بأن ذلك إنما هو لسوء صنيعِهم وبسبب جنايتِهم على أنفسهم ، أو الموصولُ معطوفٌ على الموصول الأولِ كأنه قيل : وللذين كسبوا السيئاتِ جزاءُ سيئةٍ بمثلها كقولك : في الدار زيدٌ والحجرةِ عمروٌ وفيه دلالةٌ على أن المرادَ بالزيادة الفضلُ { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } وأيُّ ذلةٍ كما ينبىء عنه التنوينُ التفخيميُّ ، وفي إسناد الرَهق إلى أنفسهم دون وجوهِهم إيذانٌ بأنها محيطةٌ بهم غاشيةٌ لهم جميعاً وقرىء يرهَقهم بالياء التحتانية { ما لَهُمْ منَ الله مِنْ عَاصِمٍ } أي لا يعصِمُهم أحدٌ من سُخطه وعذابِه تعالى أو ما لهم من عنده تعالى مَن يعصمهم كما يكون للمؤمنين ، وفي نفي العاصمِ من المبالغة في نفي العصمةِ ما لا يخفى ، والجملةُ مستأنفةٌ أو حال من ضمير ترهقهم { كَأَنَّمَا أُغْشِيَت وُجُوههم قطعاً مِنَ اللَّيْلِ } لفرط سوادِها وظلمتِها { مُظْلِماً } حالٌ من الليل والعاملُ فيه أغشيت لأنه العاملُ في قِطَعاً وهو موصوفٌ بالجار والمجرور والعاملُ في الموصوف عاملٌ في الصفة ، أو معنى الفعلِ في ( مِنَ الليل ) وقرىء قِطْعاً بسكون الطاء وهو طائفة من الليل قال : [ الخفيف ]
افتحي الباب وانظُري في النجوم *** كم علينا من قِطْع ليلٍ بهيم{[387]}
فيجوزُ كونُ مظلماً صفةً له أو حالاً منه وقرىء كأنما يغشى وجوهَهم قِطعٌ من الليل مظلمٌ ، والجملةُ كما قبلها مستأنفةٌ أو حال من ضمير ترهقهم { أولئك } أي الموصوفون بما ذكر من الصفات الذميمة { أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون } وحيث كانت الآيةُ الكريمةُ في حق الكفارِ بشهادة السياقِ والسباقِ لم يكن فيها تمسك للوعيدية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.