الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف بن يعقوب الفقيه في آخرين قالوا : حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار . الحسين بن عرفة العبدي حدثني سلم بن سالم البلخي عن نوح عن أُبيّ عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } فقال : الذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى وهي الجنّة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم " .

وهو قول أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) وحذيفة وأبي موسى وصهيب وعبادة بن الصامت وكعب ابن عجرة وعامر بن سعد وعبد الرحمن بن سابط والحسن وعكرمة وأبي الجوزاء والضحاك والسدي وعطاء ومقاتل ، يدلّ عليه :

ما أخبرنا أبو إسحاق بن الفضل القهندري أخبرنا أبو علي الصفار . الحسن بن عرفة . يزيد ابن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً لم تروه ، قال : فيقولون وما هو ؟ ألم تبيّض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة . قال : فيكشف الحجاب تبارك وتعالى - فينظرون إليه - قال : فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم منه " .

قال ابن عباس : الذين أحسنوا الحسنى يعني الذين شهدوا أن لا إله إلاّ الله الجنة .

وروى عطية عنه هي أن واحدة من الحسنات واحدة والزيادة التضعيف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف .

وروى جويبر عن الليث عن عبد الرحمن بن سابط قال : الحسنى : النظرة ، والزيادة : النظر . قال الله تعالى :

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22-23 ] .

وروى الحكم عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال : الزيادة غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة ألف باب . مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة والزيادة مغفرة من الله ورضوان ، ابن زيد : الحسنى : الجنة والزيادة ما أعطاهم في الدعاء لا يحاسبهم به يوم القيامة .

حكى منصور بن عمار عن يزيد بن شجرة قال : الزيادة : هي أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتمطرهم من كل النوادر ، وتقول لهم : ما تريدون ان أُمطركم ؟ فلا يريدون شيئاً إلاّ مطرتهم . { وَلاَ يَرْهَقُ } يغشى ويلحق { وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } غبار وهو جمع قترة . قال الشاعر :

متوج برداء الملك يتبعه *** موج ترى فوقه الرايات والقترا

وقال ابن عباس وقتادة : سواد الوجوه ، وقرأ الحسن : قتر بسكون التاء وهما لغتان كالقدْر والقدَر { وَلاَ ذِلَّةٌ } هوان ، وقال قتادة : كآبة وكسوف . قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *