{ وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } ، قال ابن عباس : يعني إذا عزمت على أن تفعل شيئاً غداً ، أو تحلف على شيء أن تقول : إني فاعل ذلك غداً إن شاء الله . وإن نسيت الاستثناء ثمّ ذكرته فقله ولو بعد سنة ، وهذا تأديب من الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم حين سئل عن المسائل الثلاثة : أصحاب الكهف ، والروح ، وذي القرنين ، فوعدهم أن يخبرهم ولم يستثنِ .
عبد الله بن سعيد المقري عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يتم إيمان العبد حتى يستثني في كلّ كلامه " .
{ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } ، قال ابن عباس ومجاهد وأبو العالية والحسن : معناه : إذا نسيت الاستثناء ثمّ ذكرت ، فاستثنِ . وقال عكرمة : معناه : واذكر ربّك إذا غضبت .
حدّثنا عبد الصمّد بن حسان عن وهيب قال : مكتوب في الإنجيل : ابن آدم ، اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق ، وإذا ظُلِمتَ فلا تنتصر ؛ فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك . وقال الضحّاك والسدي : هذا في الصلاة ؛ لقول النبّي صلى الله عليه وسلم " من نسي صلاة أو نام عنها فليصلّها إذا ذكرها " .
وقال أهل الإشارة : معناه واذكر ربك إذا نسيت غيره ؛ لأن ذكر الله تعالى إنما يتحقق بعد نسيان غيره . يؤيده قول ذي النون المصري : من ذكر الله ذكراً على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء ، فإذا نسي في جنب ذكره كل شيء حفظ الله له كلّ شيء ، وكان له عوضاً من كل شيء . وقيل : معناه : واذكر ربّك إذا تركت ذكره ، والنسيان هو الترك . { وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً } ، أي يثبتني على طريق هو أقرب إليه ، فأرشد . وقيل : معنا لعلّ الله أن يهديني ويسدّدني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه سيكون إن هو شاء . وقيل : إن الله تعالى أمره أن يذكره إذا نسي شيئاً ويسأله أن يذكره فيتذكّر ، أو يهديه لما هو خير له من تذكُّر ما نسيه . ويقال : إن القوم لمّا سألوه عن قصة أصحاب الكهف على وجه العناد أمره الله تعالى أن يخبرهم أن الله سيؤتيه من الحجج والبيان على صحة نبوّته وما دعاهم إليه من الحق ودلّهم على ما سألوه . ثمّ إن الله عز و جّل فعل ذلك حيث آتاه من علم غيوب المرسلين وخبرهم ما كان أوضح في الحجة وأقرب إلى الرشد من خبر أصحاب الكهف . وقال بعضهم : هذا شيء أمر أن يقوله مع قوله : { إِن شَاءَ اللَّهُ } [ القصص : 27 ] إذا ذكر الاستثناء بعد ما نسيه ، فإذا نسي الإنسان فيؤتيه من ذلك .
وكفارته أن يقول : { عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.