الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا} (24)

وقوله سبحانه : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله } [ الكهف : 23 و24 ] .

قد تقدَّم أن هذه الآية عتاب من اللَّه تعالى لنبيِّه حيث لم يستثْنِ ، والتقدير : إِلا أنْ تقولَ إِلاَّ أنْ يشاء اللَّه أو إِلاَّ أنْ تقولَ : إِن شاء اللَّه ، والمعنى : إِلا أن تذكُرَ مشيئَةَ اللَّهِ .

.

وقوله سبحانه : { واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } [ الكهف : 24 ] قال ابن عباس والحسن معناه : الإشارة به إلى الاستثناء ، أي : ولتستثْنِ بعد مدَّة إذا نسيت ، أولاً لِتَخْرُجَ من جُمْلة من لم يعلِّق فعله بمشيئة اللَّه ، وقال عكرمة : واذكر ربَّك إِذا غَضِبْتَ ، وعبارة الواحِدِيِّ : { واذكر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } ، أي : إِذا نسيتَ الاستثناء بمشيئة اللَّه ، فاذكره وقُلْه إِذا تذكَّرت . ا ه وقوله سبحانه : { وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي } ، الجمهورُ : إنَّ هذا دعاءٌ مأمورٌ به ، والمعنى : عسى أنْ يرشدني ربِّي فيما أستقبل من أمري ، والآية خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهي بعدُ تعمُّ جميع أمته .

وقال الواحديُّ : { وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ } ، أي : يعطيني ربي الآياتِ من الدلالاتِ على النبوءة ما يكون أقرَبَ في الرشد ، وأدلَّ من قصَّة أصحاب الكهف ، ثم فعل اللَّه له ذلك حيثُ آتاه علْم غَيْوب المرسَلِينَ وخَبَرَهم . انتهى .